للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الصحابي -حتى لو كان من اثنين- لا يعد حجة كما قال الشافعي في الجديد من مذهبه، واختاره جمع من متأخري الحنفية، والشافعية، والمالكية وأكثر المتكلمين.

هذا، ويمكن القول بأن فقهاءنا القدامى تعرضوا لبحث موضوع استئناف الأحكام، لكن ليس بهذا العنوان، وإنما سموه بالدفع١ وما قالوه في دفع الدعوى بعد الحكم من القاضي ينطبق على الاستئناف؛ لأنه ليس إلا نظر في الدعوى مرة ثانية، غير أن الفقهاء القدامى لا يشترطون تغيير القاضي الذي سينظر في الدعوى مرة أخرى كما هو الحال في الاستئناف بوصفه طريقا من طرق الطعن في الأحكام في القوانين الوضعية٢.

ومن يرجع إلى كتب الحنفية يجد فيها ما يفيد هذا، فقد بين بعضهم أنه كما يصح الدفع عند القاضي الأول يصح عند قاض آخر، وكما يصح قبل الإشهاد يصح


١ الدفع هو دعوى يثيرها المدعى عليه مناهضة للدعوى الأصلية، كأن يدعي شخص على آخر أنه اقترض منه ألف جنيه، وطالبه بأدائها، فدفع المدعى عليه هذه الدعوى بأداء هذا الدين إلى المدعي، وحينئذ يصبح المدعى عليه مدعيا، ويصبح المدعي مدعيا عليه.
وقال العلماء: إنه إذا استطاع الدافع أن يثبت دعواه بإقرار المدعي، أو بإقامته البينة اندفعت دعوى المدعي، وإذا لم يستطع إثبات دعواه قام القاضي بتحليف المدعي الأصلي -بطلب من المدعى عليه- فإذا امتنع عن اليمين ثبت دفع المدعى عليه، وبطلت الدعوى، وإن حلف المدعي عادت الدعوى الأصلية. وبين بعض فقهاء الحنفية أنه كما يصح دفع الدعوى قبل الحكم يصح دفعها بعد الحكم في بعض الحالات.
محاضرات في المرافعات الشرعية، ألقاها على طلبة المعهد العالي للقضاء بالسعودية الدكتور عبد العظيم شرف الدين، ص٨٥، ٩٢، مكتوبة بالآلة الكاتبة.
٢ تاريخ القضاء في الإسلام، لمحمود بن محمد بن عرنوس، ص٢١٤، ٢١٥، الطبعة الأولى.

<<  <   >  >>