لها بِمُقْتَضَى عِلْمِه وحكمتِه وعَدْله ورحمتِه، وحَصَرها في هؤلاءِ الأصناف الثمانيةِ، وبيَّنَ أنَّ صرفَها فيهم فريضةٌ لازمةٌ وأنَّ هذه القِسْمَةَ صادرةٌ عن علمِ الله وحكمتِهِ، فلا يجوزُ تَعَدِّيها وصرفُ الزكاةِ في غيرِها؛ لأنَّ الله تعالى أعْلَمَ بمصالحِ خلقِه وأحكَمُ في وضْع الشَّيءِ في موضِعَه:{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠].
فالصنف الأولُ والثاني: الفقراء والمساكين وهم الذين لا يجدون كِفَايتَهم، وكفايةَ عائلتهم لا مِنْ نقودٍ حاضِرةٍ ولا منْ رواتبَ ثابتةٍ ولا مِنْ صناعةٍ قائمةٍ ولا مِنْ غَلَّةٍ كافيةٍ ولا مِنْ نفقات على غيرهِم واجبة فهم في حاجةٍ إلى مواساةٍ ومعونةٍ. قال العلماءُ: فيعْطونَ مِنَ الزكاةِ ما يَكفيْهم وعائِلَتَهُمْ لمُدة سنةٍ كاملةٍ حتى يأتيَ حولُ الزكاةِ مرةً ثانيةً ويُعْطَى الفقيرُ لزواجٍ يحتاجُ إليهِ ما يَكْفِي لِزواجه، وطالبُ العلم الفقير لشراء كتب يحتاجها. ويعْطى منْ له راتب لا يكفيه وعائلته من الزكاة ما يُكمِّل كفايَتَهم لأنه ذو حاجة.
وأمَّا من كان له كفايةٌ فلا يجوز إعطاؤه من الزكاةِ وإنْ سألَها؛ بل الواجبُ نُصحُه وتْحذِيرُه من سُؤالِ ما لا يحلُّ له، فعن عبدِالله بن عُمَر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ:«لا تَزَالُ المسْألةُ بأحَدِكُم حتى يَلْقَى الله عزَّ وجلَّ وليس في وجههِ مُزعةُ لحمٍ»، رواه البخاري. وعن أبي هريرةَ رضيَّ الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:«مَنْ سأل الناسَ أموالَهم تكثُّراً فإنما يسأل جمراً فَلْيَسْتقِلَّ أو ليسْتكثْر»، رواه مسلم.