للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «الْمُرْتَضَى» ، أَيِ: احْتَجَّ الْمُرْتَضَى عَلَى مَا ادَّعَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ ; بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَعَقِّبَ لِلْجُمَلِ، اسْتُعْمِلَ فِي اللُّغَةِ عَائِدًا إِلَى الْجَمِيعِ تَارَةً، وَإِلَى الْبَعْضِ أُخْرَى، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ ; فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَالِ وَالظَّرْفَيْنِ: ظَرْفِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ; فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: ضَرَبْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَبَكْرًا قَائِمًا ; احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَالُ لِجَمِيعِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ لِلْأَخِيرَةِ مِنْهُمْ. وَلَوْ قَالَ: عَلِمْتُ الْمَسِيرَ، وَالْقِتَالَ، وَالصَّوْمَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، احْتُمِلَ تَعَلُّقِ الظَّرْفِ بِالْمَصَادِرِ الثَّلَاثَةِ، وَاحْتُمِلَ تَعَلُّقُهُ بِالْأَخِيرِ مِنْهَا. وَلَوْ قَالَ: رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَبَكْرًا فِي الدَّارِ، احْتُمِلَ تَعَلُّقُ الظَّرْفِ الْمَكَانِيِّ بِهِمْ، أَوْ بِآخِرِهِمْ ; فَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي تَعَلُّقِهِ بِجَمِيعِ الْجُمَلِ أَوْ بِآخِرِهَا، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَالِ وَالظَّرْفَيْنِ ; كَوْنُهَا مَنْصُوبَاتٍ غَيْرَ مُسْتَقِلَّةٍ بِنَفْسِهَا، مُفْتَقِرَةً إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

- قَوْلُهُ: «الْقَاضِي» ، أَيِ: احْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى الْوَقْفِ بِأَنْ قَالَ: «تَعَارَضَتِ الْأَدِلَّةُ» فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَدْ تَقَرَّرَ، وَمَعَ تَعَارُضِهَا يَمْتَنِعُ الْجَزْمُ بِأَحَدِهَا ; فَيَجِبُ الْوَقْفُ، «وَيُطْلَبُ الْمُرَجِّحُ الْخَارِجِيُّ» عَنِ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

قُلْتُ: وَاعْتَرَضَ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُرْتَضَى: بِأَنْ يُقَالَ: اسْتِعْمَالُ الِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعًا إِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لِمَانِعٍ، أَوْ مَجَازًا، وَالْحَقِيقَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا تَعَارَضَ الِاشْتِرَاكُ وَالْمَجَازُ، كَانَ الْمَجَازُ أَوْلَى، وَقِيَاسُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْحَالِ وَالظَّرْفَيْنِ قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ ; فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ أَنْ لَوْ كَانَ احْتِمَالُ رُجُوعِ الْحَالِ وَالظَّرْفِ إِلَى الْجَمِيعِ وَالْبَعْضِ عَلَى السَّوَاءِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>