للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اتِّفَاقًا، أَوْ يَعْرِفَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، بِأَنْ يَكُونَ أُصُولِيًّا فَقَطْ، أَوْ فُرُوعِيًّا فَقَطْ، فَفِيهَا الْخِلَافُ، وَمَتَى اشْتُرِطَ لِلِاجْتِهَادِ مَعْرِفَةُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ جَمِيعًا، كَانَ اعْتِبَارُ قَوْلِ هَذَيْنِ مُشْكِلًا، لِعَدَمِ كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِمَا، لَكِنَّ وُقُوعَ الْخِلَافِ فِيهِمَا يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَالْأَشْبَهُ» يَعْنِي بِالصَّوَابِ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ «اعْتِبَارُ قَوْلِ الْأُصُولِيِّ وَالنَّحْوِيِّ فَقَطْ» دُونَ الْفَقِيهِ الصِّرْفِ «لِتَمَكُّنِهِمَا» يَعْنِي الْأُصُولِيَّ وَالنَّحْوِيَّ «مِنْ دَرْكِ الْحُكْمِ» أَيْ: مِنْ إِدْرَاكِهِ، وَاسْتِخْرَاجِهِ «بِالدَّلِيلِ» هَذَا بِقَوَاعِدِ الْأُصُولِ، وَهَذَا بِقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّ عِلْمَهُمَا مِنْ مَوَادِّ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ، فَيَتَسَلَّطَانِ بِهِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ مَبَاحِثَ الْأُصُولِ وَالْعَرَبِيَّةِ عَقْلِيَّةٌ، وَفِيهِمَا مِنَ الْقَوَاطِعِ كَثِيرٌ، فَيَتَنَقَّحُ بِهَا الذِّهْنُ، وَيَقْوَى بِهَا اسْتِعْدَادُ النَّفْسِ لِإِدْرَاكِ التَّصَوُّرَاتِ وَالتَّصْدِيقَاتِ، حَتَّى يَصِيرَ لَهَا ذَلِكَ مَلَكَةً، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ إِلَى الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ، أَدْرَكَتْهَا، إِذْ هِيَ فِي الْغَالِبِ لَا تُخَالِفُ قَوَاعِدَ الْأُصُولِ الْعَقْلِيَّةَ إِلَّا بِعَارِضٍ بَعِيدٍ، أَوْ تَخْصِيصِ عِلَّةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ الْمَبَاحِثَ الْأُصُولِيَّةَ.

وَلِهَذَا حُكِيَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْجَرْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لِي كَذَا وَكَذَا سَنَةً أُفْتِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>