. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَوْفَقُ لِكَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ ; إِذْ كَانَ تَرْجِيحًا بِالْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ اللَّفْظِ وَخُصُوصُهُ، وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ التَّعَارُضُ كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا ; فَيَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، مِنْ أَنَّ النَّسْخَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِزَالَةِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَانْتَسَخَتْهُ: أَزَالَتْهُ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ آثَارَ الدِّيَارِ: غَيَّرَتْهَا، وَنَسَخْتُ الْكِتَابَ وَانْتَسَخْتُهُ وَاسْتَنْسَخْتُهُ: كُلُّهُ بِمَعْنًى، وَنَسْخُ الْآيَةِ بِالْآيَةِ: إِزَالَةُ مِثْلِ حُكْمِهَا ; فَالثَّانِيَةُ نَاسِخَةٌ، وَالْأُولَى مَنْسُوخَةٌ، وَالتَّنَاسُخُ فِي الْمِيرَاثِ: أَنْ يَمُوتَ وَرَثَةٌ بَعْدَ وَرَثَةٍ، وَأَصْلُ الْمِيرَاثِ قَائِمٌ لَمْ يُقَسَّمْ. هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِلَفْظِ الْإِزَالَةِ.
قُلْتُ: وَإِنْ جَعَلَ النَّسْخَ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ وَالنَّقْلِ وَمَا يُشْبِهُهُ، وَهُوَ التَّغْيِيرُ، كَانَ أَوْلَى. وَقَدْ صَرَّحَ الْجَوْهَرِيُّ بِلَفْظِ التَّغْيِيرِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَقَدْ أَطَلْتُ الْكَلَامَ فِي هَذَا، وَهُوَ مِنْ رِيَاضِيَّاتِ هَذَا الْعِلْمِ، لَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي مَبْدَأِ اللُّغَاتِ.
قَوْلُهُ: «وَشَرْعًا» ، أَيْ: وَالنَّسْخُ فِي الشَّرْعِ، قَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: هُوَ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ الْمُتَقَدِّمَ زَائِلٌ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ حَدٌّ لِلنَّاسِخِ، لَا لِلنَّسْخِ» ، أَيْ: تَعْرِيفُ النَّسْخِ بِالْخِطَابِ الدَّالِّ، إِلَى آخِرِهِ، غَيْرُ مُطَابِقٍ ; لِأَنَّ الْخِطَابَ نَاسِخٌ، لَا نَسْخٌ، وَلِأَنَّ النَّسْخَ مَصْدَرُ: نَسَخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute