ثم أضحوا كأنهم ورق جف … فألوت به الصبا والدبور (١)
قال: فبكي هشام حتى أخضل لحيته وبلّ عمامته، وأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابينه وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه ولزوم قصره.
قال: فاجتمعت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت إلى أمير المؤمنين نغصت عليه لذته وأفسدت عليه باديته؟ فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل أن لا أخلو بملك إلاّ ذكرته الله عز وجل.
قال أبو بكر بن الأنباري: الذي حفظناه من شيخنا «متنايف أفيح» وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الصواب «مسايف أفيح» والمسايف جمع مسافه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال (٢٠ - و) أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو أحمد الحبلى قال: أخبرنا أبو حفص النسائي قال: حدثني محمد بن عمرو بن الهيثم بن عدي قال: خرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أخوه إلى مصانع قد هيئت له، وزينت بألوان النبت، وتوافى إليه بها وفود أهل مكة والمدينة وأهل الكوفة والبصرة، قال: فدخلوا عليه وقد بسط له في مجالس متشرفه مطلعة على ما شق له من الأنهار المحفة بالزيتون وسائر الأشجار فقال: يا أهل مكة أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا بيت الله المستقبل، ثم التفت إلى أهل المدينة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا قبر نبينا المرسل، ثم التفت إلى أهل الكوفة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقالوا: لا، غير أن فينا تلاوة كتاب الله تعالى المنزل، ثم التفت إلى أهل البصرة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقام إليه خالد بن صفوان فقال أصلح الله أمير المؤمنين إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم ولو كان من له لسان وبيان لأجاب عنهم فقال له هشام: أفعندك في بلدك غير ما قالوا؟ فقال: نعم أصف بلادي وقد رأيت بلادك فتقيسها فقال: هات، فقال: يغدو قانصانا فيجيء هذا بالشبوط