للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا: فَإِنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ مُخَالَفَةٌ لِهَدْيِ الْمُشْرِكِينَ وَدَلِّهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَكُلَّمَا كَانَ مِنَ الْمَنَاسِكِ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِهَدْيِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ، مِثْلُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ، وَتَرْكِ الْوُقُوفَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالطَّوَافِ بِالثِّيَابِ، وَدُخُولِ الْبَيْتِ مِنَ الْبَابِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَالطَّوَافِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَأَيْضًا: فَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: إِذَا دَخَلَ بِعُمْرَةٍ فَيَكُونُ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ عُمْرَةً وَحَجَّةً وَدَمًا؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ عَلَى حِدَةٍ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَجْمَعَهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِإِحْلَالَيْنِ، وَإِحْرَامَيْنِ، وَتَلْبِيَتَيْنِ، وَطَوَافَيْنِ، وَسَعْيَيْنِ، فَهُوَ يَتَرَجَّحُ عَلَى الْقَارِنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَعُمْرَتُهُ تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ عُمْرَةِ الْقَارِنِ فَإِنَّ فِيهَا اخْتِلَافًا، وَلَيْسَ الْقَارِنُ بِأَعْجَلَ مِنَ الْمُتَمَتِّعِ؛ لِأَنَّ كِلَاهُمَا يَفْرُغُ مِنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا، وَيَزِيدُ الْمُتَمَتِّعُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَفْرُغُ مِنَ الْعُمْرَةِ قَبْلَهُ، فَيَكُونُ أَسْبَقَ مِنْهُ إِلَى أَدَاءِ النُّسُكِ.

وَيَتَرَجَّحُ عَلَى الْمُفْرِدِ: بِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ الْمُفْرِدُ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، وَنُسُكَانِ أَفْضَلُ مِنْ نُسُكٍ، وَأَنَّهُ يَأْتِي مَعَ ذَلِكَ بِدَمِ الْمُتَمَتِّعِ، وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ كَمَا تَقَدَّمَ؛ فَيَكُونُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى زِيَادَةٍ أَفْضَلَ كَمَا فُضِّلَ الْمُفْرِدُ عَلَى الْقَارِنِ؛ لِأَنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى مَرَّتَيْنِ. وَعُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ وَهَدْيٌ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ لَا عُمْرَةَ فِيهَا وَلَا هَدْيَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ: " لَأَنْ أَعْتَمِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأُهْدِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَمِرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ الْحَجِّ وَلَا أُهْدِيَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>