للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفحة عاتقه - صلى الله عليه وسلم - طالبًا منه أن يعطيه من مال الله، فكان رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نظر إِليه بكل هدوء ثم تبسم في وجهه وأمر له بعطاء (١).

ومنها قصة الشاب الذي جاء إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه. فزجروه قالوا: مَهْ، مَهْ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ادْنه فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: أفتحبه لأمك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداءك- قال: ولا الناس يحبونه لأُمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداءك- قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك قال: لا والله -جعلني الله فداءك- قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداءك- قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحيه لخالتك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداءك- قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحَصِّن فرجه، فلم يكتب بعد ذلك الفتى يلتفت إِلى شيء (٢).

فقد ناقش النبي - صلى الله عليه وسلم - الشاب مناقشة عقلية منطقية وأحسن التصرف معه، ولم يزجره وينهره رغم الجرأة وسوء الأدب في طلبه، وتدرج معه في الخطاب حتى اقتنع وتبين له خطؤه في هذا الطلب.

ومنها قصة الأعرابي الذي بال في طائفة من المسجد النبوي فكان التصرف معه حكيمًا مراعيًا لعدد من المصالح الشرعية (٣).

والمنهج النبوي في الدعوة مستمد من قول الله سبحانه وتعالى له: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، ح رقم: ٣١٤٩ ومسلم، ح رقم: ١٢٨.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٢٥٦، ٢٥٧ من طريقين بإِسناد صحيح من حديث أبي أمامه الباهلي.
(٣) صحيح مسلم، ح رقم: ٢٤.
(٤) سورة النحل، آية: ١٢٥.

<<  <   >  >>