الحق بواحد من الإنس حتى لا يظنن الجن أنه أخذ خفة قانونه وشفافيته وسرعته من عنصر تكوينه بل إنه أخذها بإرادة المكون - سبحانه - إذن فالمسألة ليست عنصرية بل هي إرادة الله إنه - جلت قدرته - أوضح: أنا أستطيع أن أجعل من الجنس القوي بقانونه وهو الجن محكوماً لواحد من الإنس، ويجعله يعمل ما يريده. ولم يطلقها الله كطاقة ممنوحة لكل البشر حتى لا تحدث فتنة عند من يعرفها؛ لأنها ستعطيه فرصة ليست موجودة عند غيره. وقد يطغي بها وهذا هو السحر. وأوضحنا ذلك عند قوله سبحانه:{واتبعوا مَا تَتْلُواْ الشياطين على مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولكن الشياطين كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ الناس السحر وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الملكين بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حتى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}[البقرة: ١٠٢] .
فتنة، لماذا؟ ، لأنك تأخذ فرصة ليست موجودة لغيرك، وعندما توجد عندك فرصة ليست موجودة لغيرك فأنت لا تضمن نفسك أن تستعملها في الضار فقد تستعملها في ذلك؛ فستذهب بك إلى النار. والحق يقول:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المرء وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ}[البقرة: ١٠٢] .
إذن فالحق سبحانه وتعالى من طلاقة قدرته يعطي للجنس الضعيف وهو الإنسان شيئا يستطيع به أن يسخرّ الأقوى وهو الجن، والجن يعرف هذه الحكاية. ولذلك فكل الذين يتمثل لهم الجن لا يَأتي ويَدوم بل يَأتي لمحة خاطفة؛ لأنه لا يستطيع أن يستقر على صورته التي يتمثل فيها، فلو تمثل بإنسان أو بحيوان مثلا لحكمته الصورة، وإن حكمته الصورة، واستطاع من يراه أن يطلق عليه رصاصة من «مسدسه» لقتله!
ولذلك الجن يأتي لمحة مثل ومضة البرق ويختفي، إنها طلاقة قدرة الحق التي