إذن فهو ساعة يفعل هذا أو يفعل ذلك هل يفعل ذلك من وراء رَبِّه؟ . لا، إنه لم يفعل شيئاً على الإطلاق سوى توجيه الطاقة التي خلقها الله صالحة لأن تفعل هذا وتفعل ذاك.
إذن فثوابك وعقابك يكونان على توجيه الطاقة الفاعلة إلى الأمر الصالح أو الأمر السيء. فعندما يقول ربنا:«كل من عند الله» نقول: هذا حق وصدق؛ فالذي أهمل في زراعة أرضه ولم يسمدها أو لم يروها وأصابه جدب فهذا نتيجة عدم توجيه الطاقة المخلوقة لله في مجالها الصحيح.
لكن عندما يمتنع المطر فلا عمل في ذلك للإنسان. فالنواميس الكونية صنعها الله. ومن يأخذ بأسبابها تعطه وإن أصابت الإنسان سيئة في إطار هذه فهي من عند الإنسان؛ لأنه لم يأخذ بالأسباب.
وما ينطبق على الفرد ينطبق أيضاً على الجماعة؛ فالذي يلعب الميسر ويأتي له الخراب والدمار، هذا من نفسه؛ لأنه تلقى الأوامر من الحق بألا يمارس تلك الألعاب. وأي أمة اشتكت من ضيق الأرض الزراعية وضيق الرزق فهذا بسبب الأمة نفسها؛ لأن القائمين بالأمر كان عليهم العمل لتنمية الموارد بالنسبة لنمو السكان.
والذي يتعبنا ويرهقنا أننا نتحمل غفلة أجيال، فتجمعت المشكلات فوق رءوس جيلٍ واحد. ولو أن كل جيل سبق قام بمسئوليته لكانت مهمة الأجيال الحالية أقل تعباً. فما دامت لدنيا أرض صالحة لأن تنبت كان علينا أن نعدها ونستغل المياه الجوفية في زراعتها. فالمسألة إذن كسل من أجيال سابقة. وما دام هناك مخزون في المياه الجوفية كان يجب أن نعمل العقل لنستنبط أسرار الله في الكون. فليس من الضروري أن ينزل المطر، لأن الحق يقول:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض}[الزمر: ٢١] .