للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك يأتي التحذير في قول الحق سبحانه: {أَنَّ الله مَعَ المتقين} فإن سلَّم لك واستسلم؛ فاستأسره، وإياك أن تؤذيه أو تأخذ معداته على أنها مغنم، فأنت لم تذهب للقتال من أجل الغنائم، أو لتكسب مكانة في مجتمعك كمقاتل، بل أنت تقاتل حين يكون القتال مطلوباً، وتسلك بالخلق الإيماني اللائق في إطار أنك من المتقين لله، وتحارب لتكون كلمة الله هي العليا وهنا تكون معيه الله لك {أَنَّ الله مَعَ المتقين} .

إذن: فالغلظة لا تعني أنها طبع أصبح فيك، ولكن عدوك يجد فيك غلظة إن احتاج الأمر إلى غلظة. فإن لم يحتج الأمر إلى غلظة؛ فلا بد أن يوجد في طبعك اللين والموادعة.

ولذلك يقولون: الرجل كل الرجل هو من كانت له في الحرب شجاعة، وفي السلم وداعة، وخيركم من كان في الجيش كميًّ وفي البيت صبيّاً، فلا يصطحب غلظته مع العدو إلى البيت والزوجة والأبناء؛ لأن ذلك وضع للطاقة في غير مجالها.

هكذا نفهم قوله الحق:

{ياأيها الذين آمَنُواْ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ مِّنَ الكفار وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين} [التوبة: ١٢٣]

أي: كونوا في حربكم غلاظاً بما يناسب الموقف؛ لأن الحرب تتطلب القسوة والشدة، ولكن إياك أن تستعمل هذه الأمور لصالحك، ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>