للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه دقة عدالة من هذه النملة، فإنها لم تقل: إن سليمان وجنوده سيحطمون أخواتها من النمل ظلماً لهم، بل قالت: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} لأنكم لا تظهرون تحت أرجلهم.

إذن: كل كائن في الوجود له حياة تناسبه، ولكن الآفة أننا نريد أن نتصور الحياة في كل كائن، كتصورها في الكائن الأعلى وهو الإنسان.

ولا بد لنا أن نعلم أن النبات له حياة تناسبه، والحيوان له حياة تناسبه، والجماد له حياة تناسبه، وكل شيء في الحياة له لون من الحياة المناسبة له.

وقد أوضحنا من قبل أن الحق سبحانه قد قال: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: ٤٢] .

والهلاك مقابل للحياة، والحياة مقابلة للموت، والهلاك يساوي الموت. والحق سبحانه يصور الحالة يوم القيامة فيقول: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] .

إذن: فالجماد هالك، ولكنه يتمتع بلون من الحياة لا نعرفه، وكذلك كل كائن له حياة تناسبه، والآفة أن الإنسان يريد أن يعرِّف الحياة التي في الجماد كالحياة في الإنسان.

وانظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله الحق: {حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً} [يونس: ٢٤] .

وقد جاء هذا القول من قبل أن يتقدم العلم ويثبت أن الأرض تشبه الكرة، وأنها تدور، وأن كل ليل يقابله نهار، وكذلك جاء قول الحق سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>