للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المستولي على تلك الأرض له ذلك ووجه صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مختصا بالصفايا من المغنم حتى كان يختار من المغنم ما يريدويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فتصير ملكا له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي من التخصيصات قبل الإستيلاء وليس ذلك لغيره من الأئمة [ل٢١أ] فإنه صلى الله عليه وسلم كان مطلعا بالوحي على ما سيملك في المستقبل وعلى وجه المصلحة في التخصيص والإستثناء وغير ذلك ولا يطلع غيره عليه، وأما قول من قال لا يصح إقطاعه لأنه قبل الملك فهو كفر محض لأنه يقال له هل حل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل أو كان ظالما بتصرفه ذلك فإن جعله ظالما كفر، وإن قال بل حل له ذلك قيل أفعلم أن ذلك يحصل أم لا فإن جهله كفر، وإن قال أنه علم لكن علم أنه لا يحصل، قيل له فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه فطيب قلب من سأله بما لا يحصل له، وهذا محض الخداع والتلبيس ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر، وأما قوله أن القبض لم يحصل فهو مردود من وجهين:

أحدهما أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر فإنها تحرم على الأول ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر، بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصا من موات الأرض شيئا فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال بل إنما يملكه بالأحياء، والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص، وأما الحد فليس شرطا للصحة ولا سيما في الأمور العامة، وإنما يشترط التسليم والإمام عند التسليم [ل٢١ب] أن يقول فيه على الشهرة، وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الإشتباه، فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة بخلاف التصرفات الجزئية، انتهى.

<<  <   >  >>