القسم الخامس: العلو بتقدم السماع من الشيخ نفسه فمن تقدم سماعه من شيخ كان أعلا ممن سمع في ذلك الشيخ نفسه بعده.
قال ابن الصلاح مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحد منهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخرين من أربعين سنة ولكن أهل الحديث مجمعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخه أو خرف لمرض أو هرم والله أعلم.
إذا علم ذلك فليعلم أن المقصود هو القصم الأول وهو القرب في العدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسناد الجيد المتصل كما قدمنا وله وجوه عند أهل الحديث منها خمسة يدعو الحاجة إليها في هذه المقدمة والعمل في هذا الكتاب عليها
الوجه الأول:
[٦/أ] أعلاها وأولاها وأرفعها وأعلاها عند الجمهور، السماع من لفظ الشيخ سواء حدث من كتابه أو من حفظه بإملاء أو غير إملاء، ويقول الراوي في ذلك حدثنا ويجوز أن يقول في ذلك:أخبرنا، وسمعت، قال الحافظ أبو بكر الخطيب: أرفع العبارات: سمعت ثم حدثنا وحدثني ثم أخبرنا وهو كثير في الإستعمال، فاستدل الخطيب على ترجيح سمعت بأنه لا يكاد أحد يقولها في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه.
قلت: حدثنا تمنع ليس الإجازة ومن أجاز استعمالها في الإجازة مستدلا بما روي عن الحسن البصري أنه قال: حدثنا أبو هريرة وتأول حدث أي أهل المدينة والحسن بها فقد أخطأ.
قال الإمام تقي الدين أبو الفتح ابن دقيق وهذا إذا لم يكن دليل قاطع على أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة لم يجز أن يصار إليه، انتهى.
وهو كذلك فإنه إن صح أن الحسن قال حدثنا أبو هريرة فلا شك أن تكون قد سمع منه فقد قال أبو زرعة، وأبو حاتم: من قال عن الحسن حدثنا أبو هريرة فقد أخطأ، والله تعالى أعلم.