للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان القائل: إني رسول الله، إما أن يكون من خيار الناس وأصدقهم وأبرهم وأفضلهم، وإما أن يكون من شرار الناس وأكذبهم وأفجرهم، فالفرق بين هذين يكون من وجوه كثيرة لا تكاد تنضبط.

وقد تحصل المعرفة عند سماع خبر هذا ورؤية وجهه وسماع كلامه، وما يلزم ذلك، ويقترن به من بهجة الصدق ونوره، ومن ظلمة الكذب وسواده وقبحه.

فتبين بذلك أن كثيرا من الناس إذا رأوا الكاذب وسمعوا كلامه، تبين لهم كذبه، تارة بعلم ضروري، وتارة باستدلالي، وتارة بظن قوي.

وكذلك النبي الصادق إذا رأوه وسمعوا كلامه، تبين لهم صدقه بعلم ضروري أو نظري قبل أن يروا خارقا.

وقد يكون أولا بظن قوي، ثم يقوى حتى يصير يقينا، كما في المعلوم بالأخبار المتواترة والتجارب.

قال أبو العباس:

وهذه الطريقة سلكها طوائف، منهم القاضي عياض، فقال: " إذا تأمل المنصف أحوال نبينا - صلى الله عليه وسلم - من جميل أثره، وحميد سيرته، وبراعة علمه، ورجاحة عقله، وحلمه، وكماله، وشاهد حاله وصواب مقاله لم يمتر في صحة نبوته وصدق دعوته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>