وتختلف وجهات النظر بين المفكرين حول هذه العناصر الأربعة حسب ثقافة المفكر انتمائه المذهبي، فهذا مادي حسي وذاك عقلي مثالي وثالث حدسي فطري ... إلخ.
والتصور الإسلامي للموقف المعرفي قد يلتقي مع بعض هذه المدارس في تفسيرهم للموقف المعرفي وقد يختلف مع البعض الآخر، وهذا أمر طبيعي؛ فإن حديث الإنسان عن الموقف المعرفي مهما علا شأنه لا بد أنه يحمل معه طابع هذا الإنسان ولون ثقافته ومذهبه الفكري، كما يعبر عن وجهة نظره التي تأثر بها وانحاز إليها، وهذا الخلاف يفسر لنا تعدد وجهات النظر الفلسفية حول الموقف المعرفي بكامله، بالتالي يفسر لنا الفوارق الأساسية بين الحضارات الإنسانية من عصر إلى عصر, ومن بيئة ثقافية إلى أخرى.
فالحضارات الإنسانية تستمد أصولها وأهدافها ومقاصدها في الموقف المعرفي، من وجهة نظر الإنسان التي تحمل معها طابعه ولون ثقافته وعوامل بيئته الزمانية والمكانية. أما في الحضارة الإسلامية فإنها تستمد أصولها وغايتها ومقاصدها المعرفية من الوحي المنزه عن التأثر بوجهات النظر الإنسانية المتعالي على عوامل الزمان والمكان.