أهدافه الشخصية ومقاصده من المعرفة وتوظيفها, أما العالم الأول فيحقق أهداف الوحي ومقاصده ليعم النفع لكل بني الإنسان.
والقرآن الكريم يربط في تناسق عجيب بين أركان المعرفة السابقة ووظيفة الإنسان من جانب وبينه وبين الكون كموضوع للمعرفة من جانب آخر، كما يربط بين هذين الركنين وأهداف المعرفة وغايتها من جانب ثالث؛ ليكتمل بذلك وحدة الموقف المعرفي في موضوعه، وفي غايته، وفي وسائله، ويكون الإنسان نفسه باعتباره سميعا بصيرا عاقلا ذاتا عارفة، وتتوحد به ومعه وسائل المعرفة وأدواتها، وباعتباره جزءا من هذا العالم يكون هو نفسه موضوعا للمعرفة، وفيه يتوحد الموقف المعرفي كله وبه تتحقق أهدافه ومقاصده، فيكون هو الذات العارفة وهو وسيلة المعرفة, وهو موضوع المعرفة، وبه تتحقق غاية المعرفة، فالموقف المعرفي كله يتوحد في الإنسان.
الإنسان ومسئوليته عن الكون:
أ- الكون الطبيعي:
لقد خلق الله الإنسان على نحو جعله قابلا ومستعدا للمعرفة، وهبه أدوات تحصيل المعرفة من الحواس والعقل، قال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: ٧٨] .