وعلى العكس من ذلك لا ينبغي أن يعجب المرء إذا رأى التخلف والهلع النفسي والاضطراب الاجتماعي سائدا في بلاد كثيرة من أوطان المسلمين، فليس ذلك شيئا غريبا عن مسار السنن الكونية ولا هو شذوذ عن منطقها، حيث يسود الظلم, والخسف، والتنكيل، والتغريب، والتصفية الجسدية أحيانا لمن يرفع صوته في وجه الظالم ليقول له: قف وارحم الرعية من ظلمك.
وعليك أن تدور ببصرك, وإن استطعت فببصيرتك لترى أين مكانة العلم ومكانة العالم في بلاد المسلمين وأين نظيرها في بلاد غير المسلمين، وكم ينفق على البحث العلمي والعلماء في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين, وسوف تجد نفسك بعد هذه المقارنة البسيطة موقنا تماما أن سنة الله لا تتخلف في كونه أبدا، وسوف تؤمن معي أن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة، وهذا قانون عام له أثره الفعال في طبائع العمران البشري ازدهارا أو انهيارا، يستوي في ذلك المجتمع المؤمن والمجتمع الكافر على حد سواء؛ لأن سنن الله محايدة لا تجامل أحدا.
ولم يكتفِ القرآن الكريم بالإشارة إلى هذا المبدأ فقط، وإنما أشار إلى كثير من المبادئ التي هي بمثابة القوانين الاجتماعية العامة, وإن شئت فقل: هي أسباب تتعاون فيما بينها لتشكل مجموعة