شرحه مما لا يصح وقوعه بالاتفاق، ولا يستغني فيما هو عليه من مقدر له يرتبه ... ولا مدبر ... كما لا يصح أن تترتب الدار على ما يحتاج إليه فيها من البناء بغير مدبر يقسم ذلك فيها, ويقصد إلى ترتيبها"١.
إن المعاني التي نبه إليها الأشعري في بنية الإنسان توجد كذلك في كل كائن حي، كما توجد في النبات، وهي معانٍ جامعة لصفات القصد والغاية التي ينتفي معها القول بالمصادفة والقول بالعبثية، وجامعة لصفات العلم والحكمة التي ينتفي معها الجهل واللهو والعبث، وجامعة لصفات الإرادة والقدرة التي ينتفي معها العجز.
وكلها في النهاية تؤدي إلى العناية بالمخلوق ورعايته، وينبغي استجلاء هذه المعاني من القرآن الكريم والتنبيه إليها والاهتمام بها وتربية النشء عليها وامتلاء قلوبهم بالإيمان بها، والاعتقاد فيها لأنها قطب الرحى في تثبيت قضية الإيمان في القلوب. إن مناهج الدراسة في المؤسسات التعليمية ينبغي أن تجعل من هذه القضية محورا أساسيا تربي عليها الشباب حتى ينشأ المرء عارفا بربه من خلال تعرفه على دقائق صنعته في كل جزئيات هذا الكون، فيتعرف الطبيب والمهندس وعالم النبات والفلكي وعالم الحشرات، كل فيما يخصه على دقائق الصنعة التي هو بصددها ويستخرج ما فيها من
١ راجع أصول أهل السنة والجماعة ص٣٥-٣٨، الطبعة الأولى سنة ١٩٨٧.