للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن قصة الصراع بين الحق والباطل قديمة جديدة معا، إنها تتجدد في كل عصر؛ لأنها سنة من سنن الله في كونه، إنها سنة التدافع بين الحق والباطل، وهذه القضية ترتبط بالوجود الإنساني نفسه، ومن طلب نهاية لها فقد طلب المستحيل ما دام الإنسان حيا متحركا على ظهر الأرض. ولقد لفت القرآن نظرنا إلى هذه الحقيقة الكونية في قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: ٤٠, ٤١] .

وهذا شأن كل تجمع بشري، أن يظهر فيه من الخلافات والصراعات ما يعبر بالضرورة عن اختلاف أهواء الناس وتعارض مقاصدهم وغاياتهم، وفي بوتقة هذا الصراع يبتلي الله أهل الحق بأهل الباطل؛ ليتم تمحيص الناس وابتلاؤهم بعضهم ببعض، ليميز الله بين أهل العزائم والإرادات الصادقة، وأهل الأهواء والإرادات الفاسدة. قال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: ١٨٦] .

<<  <   >  >>