للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} ؟

فلماذا تتخطى الرسالة وجهاء مكة, وسادتها إلى محمد؟

ولماذا لا يكون الرسول المصطفى من أثرياء القوم ومن كبرائهم، إنها إذن قضية نفسية تحركها عوامل الحقد والحسد على هذا الرسول.

ولذلك بدأت الحملات المسعورة ضد الرسل، فهم إما ساحر أو مجنون، أو طالب مال أو باحث عن زعامة ... إلخ, وقالوا لرسلهم: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} ، {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ} ، وقالوا: إن هو إلا رجل منكم يريد أن يتفضل عليكم، وقالوا: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} .

لقد غاب عن هؤلاء أن مقياس التفاضل بين الناس في حياتهم الدنيا بين الفقر والغنى ليس دليلا على أفضلية الغني على الفقير، ولا القوي على الضعيف، ولا صاحب السلطان على من لا سلطان له، إن هذا المقياس الأعمى لا علاقة له بقضية الاصطفاء للرسالة. فالله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته، ولقد لفت القرآن نظرنا إلى هذه القضية في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ، وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ

<<  <   >  >>