للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣- وقد يحرم الدليل لكونه جدالا بالباطل، أو جدالا في الحق بعدما تبين كقوله تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [الكهف: ٥٦] , وقوله سبحانه: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ} [الأنفال: ٦] .

ويتضح من هذا أن كل دليل كان قطعي الدلالة على مطلوبه هو في حقيقة أمره دليل شرعي نبه إليه الكتاب العزيز، عرف ذلك من عرفه، وجهله من جهله، ولم يحظر الشرع جنس الأدلة العقلية أبدًا ولا قال أحد من السلف بذلك. والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالبرهان، وأمر بتعلمه حيث يجب ذلك، ودل على مجامع البراهين التي يرجع إليها غاية نظر النظار، وأهل العلم بالآثار النبوية يعلمون من ذلك ما يجهله غيرهم، شأنهم في ذلك شأن أهل كل اختصاص كأهل الطب والهندسة في تخصصاتهم المختلفة, فإنهم يعلمون منها ما يجهله غيرهم.

٨- وينبغي أن نعلم أن العقل ليس أصلا في إثبات الشيء في نفسه, فلا يعطيه وجودًا ولا ينفي عنه عدما، كما يدعي ذلك بعض المتكلمين والفلاسفة، وإنما هو أصل في علمنا بالشرع، ذلك أن الأشياء ثابتة في نفسها سواء علمناها بعقولنا أو لم نعلمها، والشرع من هذا الباب مستقل بوجوده عن إدراك العقل له شأن كل الموجودات، فنبوة النبي ورسالته إلى الخلق ثابتة في نفسها

<<  <   >  >>