استَعجَمَ عَلَيْهِ، فَيُكَلِّمُهُ جَدِّي بِالفَارِسيَّةِ، وَيَضَعُ اللَّحْمَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَبَيْنَ يَدِي.
ثُمَّ أَخَذَ طَبَقاً إِلَى جَنْبِهِ، فَوُضعَ فِيْهِ تَمرٌ وَجَوزٌ، وَجَعَلَ يَأكُلُ وَيُنَاوِلُ الرَّجُلَ.
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: كَثِيْراً مَا كُنْتُ أَسأَلُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنِ الشَّيْءِ، فَيَقُوْلُ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.
وَعَنِ المَرُّوْذِيِّ، قَالَ: لَمْ أَرَ الفَقِيرَ فِي مَجْلِسٍ أَعَزَّ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ أَحْمَدَ، كَانَ مَائِلاً إِلَيْهِم، مُقَصِّراً عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَكَانَ فِيْهِ حِلمٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِالعَجُولِ، وَكَانَ كَثِيْرَ التَّوَاضُعِ، تَعْلُوهُ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ، وَإِذَا جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ العصرِ لِلْفُتْيَا، لاَ يَتَكَلَّمُ حَتَّى يُسْأَلَ، وَإِذَا خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِهِ، لَمْ يَتَصَدَّرْ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: رَأَيْتُ أَبِي حَرَّجَ عَلَى النَّملِ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ دَارِهِ، فَرَأَيْتُ النَّمْلَ قَدْ خَرَجنَ بَعْدُ نَمْلاً سُوداً، فَلَمْ أَرَهُم بَعْدَ ذَلِكَ.
وَمِنْ كَرَمِهِ:
الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، قَالَ:
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ المُؤَدِّبُ: كُنْتُ آتِي أَبَاك، فَيَدفعُ إِلَيَّ الثَّلاَثَةَ دَرَاهِمَ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، وَيَقَعُدُ مَعِي، فَيَتَحدَّثُ، وَرُبَّمَا أَعطَانِي الشَّيْءَ، وَيَقُوْلُ: أَعطَيتُكَ نِصْفَ مَا عِنْدَنَا.
فَجِئْتُ يَوْماً، فَأَطلْتُ القُعُودَ أَنَا وَهُوَ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ تَحْتَ كِسَائِه أَرْبَعَةُ أَرغِفَةٍ، فَقَالَ: هَذَا نِصْفُ مَا عِنْدَنَا.
فَقُلْتُ: هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ مِن غَيْرِكَ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَجَاءهُ بَعْضُ قَرَابَتِه، فَأَعطَاهُ دِرْهَمَيْنِ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَبَعَثَ إِلَى البَقَّالِ، فَأَعطَاهُ نِصْفَ دِرْهَمٍ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ هِلاَلٍ، قَالَ: جِئْتُ أَحْمَدَ، فَأَعطَانِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ.