للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما تكفير من لم يكن منافقا فهذا فيه تفصيل قد بسطناه في غير هذا الموضع وبينا الفرق بين من قامت عليه الحجة النبوية التي يكفر تاركها وبين المخطىء المجتهد في اتباع الرسول إذا اقتضى خطؤه نفى بعض ما أثبته أو إثبات بعض ما نفاه حتى نفس المقالة الواحدة يكفر بتكذيبها من قامت عليه الحجة دون من لم تقم كالذي قال: "إذا مت فاسحقوني ثم اذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين".

فإن الإيمان بقدرة الله على كل شيء ومعاد الأبدان من أصول الإيمان ومع هذا فهذا لما كان مؤمنا بالله وأمره ونهيه وكان إيمانه بالقدرة والمعاد مجملا فظن أن تحريقه يمنع ذلك فعل ذلك ومعلوم أنه لو كان قد بلغه من العلم أن الله يعيده وإن حرق كما بلغه أنه يعيد الأبدان لم يفعل ذلك.

وقد بسطنا الكلام في مقالات الناس في التكفير وبيان الصواب في غير هذا الموضع.

والمقصود أن أبا حامد ذكر هنا أن هذه التأويلات التي أشار إليها في مشكاة الأنوار لم يقم دليل قاطع يقتضيها وتكلم في تبديع أهلها بما تقدم وذكر أن ما يتعلق بأصول العقائد فيجب تكفير من بغير الظاهر فيه بغير برهان قاطع وقطع بتكفير الفلاسفة كما تقدم كما قطع بتكفيرهم في تهافت الفلاسفة.

<<  <   >  >>