للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قلت: المقصود التنبيه على أن السلف فهموا حقيقة قول هؤلاء الجهمية الذي هو حقيقة قول القرامطة ومن وافقوه من الفلاسفة فإنهم ينفون الصفات وهم في الحقيقة ينفون الأسماء أيضا لكن يحتاجون إلى إطلاقها في الظاهر لأجل تظاهرهم بالإسلام ويتأولونها على أنه خلق معانيها في غيره وهذه هي القاعدة المعروفة وهو أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل دون غيره ووجب أن يشتق لذلك المحل من لفظها اسم ولا يشتق لغيره الاسم والمعتزلة تنازع أهل الإثبات في بعضها كما تنازعهم القرامطة في بعضها وطرد ذلك في أسماء الأفعال كالعادل ونحوه فإن المفهوم من مذهب الفقهاء وأصحاب الأئمة الأربعة وأهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام طرد ذلك ومن لم يطرده انتقضت حجته ولا فرق في ذلك بين نوع ونوع في الحقيقة ولكن من المذاهب ما قل قائله وخفي وظهر مخالفته لما استقر في قلوب المسلمين ومنها ما كثر قائله وبقي نفور القلب عن ذلك القول ومفتتحه أعظم ولو فرض أن شخصا مؤمنا باطنا وظاهرا ولكن جهل وضل في صفة القدرة أو العلم حتى ظن أن القدرة تقوم بغيره والعلم بغيره كما هو قول الباطنية لكان حاله كحال من هو مؤمن باطنا وظاهرا وقد جهل وضل حتى اعتقد أن الكلام لا تقوم به بل بغيره وكثير من أهل المقالات قد أخرج بعض الموجودات عن قدرته ومنع قدرته عن أشياء كحال الذي قال لولده ما قال فهذه المقالات هي كفر لكن ثبوت التكفير في حق الشخص المعين موقوف على قيام الحجة التي يكفر تاركها وإن أطلق القول بتكفير من يقول ذلك فهو مثل إطلاق القول بنصوص الوعيد مع أن ثبوت حكم الوعيد في حق الشخص المعين موقوف

<<  <   >  >>