ومن بعدهما إلا بتمسكهم بالحق ونُصْرته وردهم الباطل. وما ضر شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله تعالى- وأصحابه حين أجلب عليهم أهل البدع وآذوهم؛ بل أظهر الله بهم السنة، وجعل لهم لسان صدق في الأمة. وكذلك من قبلهم ومن بعدهم، كشيخنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى- لما دعا إلى التوحيد وبَيَّنَ أدلته، وَبَيَّنَ الشركَ وما يبطله.
وفيه قال الإمام العلامة الأديب أبو بكر حسين بن غنام -رحمه الله تعالى-:
وقد كان مسلوكا به الناسُ ترتع
وعاد به نهج الغواية طامسا ... وحق لها بالألمعي تَرَفّع
وجرت به نجد ذيول افتخارها ... وأنواره فيها تضيء وتسطع
فآثاره فيها سوام سوافرفهذا المعترض لو تصور وعقل لتبينَ له أن ما احتج به ينقلب حجة عليه.
ظهور الفتن والبدع في كل بلد لا يختص بها قطر
وقول المعترض: وإن كان قد ورد في حق أهل الحرمين، فهذا ظاهر البطلان، إذ هي مهبط الوحي ومنبع الإيمان، ولو قيل: إن هذا الحديث وأمثاله ورد في ذم نجد وأهلها، فقد ورد في ذمهم أحاديث كثيرة شهيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يزالون في شر من كذابهم إلى يوم القيامة".
(فالجواب) أن نقول: الأحاديث التي وردت في غربة الدين وحدوث البدع وظهورها؛ لا تختص بمكة والمدينة، ولا غيرهما من البلاد، والغالب أن كل بلد لا يخلو من بقايا متمسكين بالسنة، فلا معنى لقوله: وإن كان قد ورد في حق أهل الحرمين، والواقع يشهد لما قلنا.
وقد حدث في الحرمين في أواخر عهد الصحابة -رضي الله عنهم- بل وفي وقت الخلفاء الراشدين ما هو معروف عند أهل العلم مشهور في السير والتاريخ: وأول ذلك مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم وقعة الحرة