للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنا أُورِدُ هنا جوابًا لشيخ الإسلام عن سؤالِ مَن سأله عن نوع هذا الشرك وبعض أفراده، فأتى بجواب عام شامل، كافٍ وَافٍ.

آيات القرآن في أن دعاء غير الله شرك

قال السائل: ما قول علماء المسلمين فيمن يستنجد بأهل القبور، ويطلب منهم إزالة الألم، ويقول: يا سيدي أنا في حسبك، وفيمن يستلم القبر، ويمرغ وجهه عليه، ويقول قضيت حاجتي ببركة الله، وبركة الشيخ، ونحو ذلك؟

(الجواب) : الحمد لله رب العالمين، الدين الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه هو: عبادة الله وحده لا شريك له، واستعانته والتوكل عليه، ودعاؤه لجلب المنافع ودفع المضار، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ١ الآيات. وقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ٢، وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ٣ وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} ٤ الآيات.

قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيرا والملائكة، فقال الله تعالى: هؤلاء الذين تدعونهم عبادي يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي، فإذا كان هذا حال من يدعو الأنبياء والملائكة، فكيف بمن دونهم؟. قال تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} ٥ الآية. وقال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} ٦.

فبيَّنَ سبحانه أن مَن دُعِيَ من دون الله من جميع المخلوقات: الملائكة، والبشر، وغيرهم، أنهم لا يملكون مثقال ذرة في ملكه، وأنه ليس له شريك في ملكه {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٧، وأنه ليس له عَوْنٌ، كما يكون للملك أعوان وظهراء، وأن الشفعاء لا يشفعون عنده إلا لمن ارتضى، فنفى بذلك وجوه الشرك


١ سورة الزمر آية: ٢.
٢ سورة الجن آية: ١٨.
٣ سورة غافر آية: ٦٥.
٤ سورة الإسراء آية: ٥٦.
٥ سورة الكهف آية: ١٠٢.
٦ سورة سبأ آية: ٢٢.
٧ سورة التغابن آية: ١.

<<  <   >  >>