للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد كذب على "الإقناع" و"الشفاء"، وليس في الكتابين إلا ما يبطل قوله. وفي الحديث "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" ١ وإلا فكلام شيخ الإسلام في رد ما يقوله الصرصري وإنكاره: موجود بحمد الله.

قال -رحمه الله تعالى- في رده على البكري بعد وجهين ذكرهما.

(الثالث) : أنه أدرج سؤاله أيضا في الاستغاثة به، وهذا جائز في حياته، لكنه أخطأ في التسوية بين المحيا والممات، وهذا ما عَلِمْتُهُ يُنْقَلُ عن أحد من العلماء، لكنه موجود في كلام بعض الناس مثل الشيخ يحيى الصرصري ففي شعره قطعة، وكمحمد بن النعمان؛ وهؤلاء لهم صلاح ودين، ولكنهم ليسوا من أهل العلم العالمين بمدارك الأحكام الذين يؤخذ بقولهم في شرائع الإسلام، وليس معهم دليل شرعي، ولا نقل عن عالم مَرْضِي، بل عادة جَرَوْا عليها كما جرت عادة كثير من الناس بأنه يستغيث بشيخه في الشدائد ويدعوه.

وأكثر منه: مَن يأتي إلى قبر الشيخ يدعوه، ويدعو به ويدعو عنده، وهؤلاء ليس لهم مُسْتَنَد شرعي من كتاب، أو سنة، أو قول عن الصحابة والأئمة، وليس عندهم إلا قول طائفة أخرى: قبر معروف: ترياقٌ مجربٌ، والدعاء عند قبر الشيخ مجابٌ، ونحو ذلك، ومعهم أن طائفة استغاثوا بحي أو ميت، فَرَأَوْهُ قد أتى في الهواء، وقضى بعض تلك الحوائج، وهذا كثير واقع في المشركين الذين يدعون الملائكة والأنبياء والصالحين، أو الكواكب والأوثان، فإن الشياطين كثيرا ما تتمثل لهم فيرونها، وقد تخاطب أحدهم ولا يراها، ولو ذكرتُ ما أعلم من الوقائع الموجودة في زماننا لطال المقال.

وكلما كان القوم أعظم جهلا وضلالا كانت هذه الأحوال الشيطانية عندهم أكثر، وقد يأتي الشيطان أحدهم بمال أو طعام أو لباس أو غير ذلك، وهو لا يرى أحدا أتاه به فيحسب ذلك كرامة، وإنما هو من الشيطان، وسببُه شركُه بالله، وخروجه عن طاعة الله ورسوله إلى طاعة الشيطان، فأضلتهم الشياطين بذلك كما كانت تضل عُبَّاد الأصنام. انتهى ما ذكره شيخ


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٨٣ ,٣٤٨٤) والأدب (٦١٢٠) , وأبو داود: الأدب (٤٧٩٧) , وابن ماجه: الزهد (٤١٨٣) , وأحمد (٤/١٢١ ,٤/١٢٢ ,٥/٢٧٣) .

<<  <   >  >>