ومارس القتبانيون إنشاء السدود ضمن مشروعات الري. على نطاق ضيق. ومنها سد فرعي في منطقة الحضرة يحتمل إرجاعه إلى القرن الرابع ق. م. لصد مياه وادي حماد. وشيد بأسلوب بسيط بني بأكوام من الرديم والطين الجاف دعمت واجهتها المواجهة لتيار الماء بالأحجار كما دعمت أعاليها بالأحجار أيضًا. وثمة بقايا سد آخر بجوار بيحان القصب.
ومن المشروعات المائية القتبانية أيضًا حر الصهاريج. ولا تزال تتوزع على قمة جبل ريدان وسفوحه آثار صهاريج قتبانية كان البعض منها يتسع لآلاف الجالونات. ويبدو أنها وزعت على مستويات مختلفة بحيث إذا فاض الماء في أحدها نزل الفائض منها إلى ما يليه. وحفرت هذه الصهاريج في الأرض وكسيت من الداخل بلياسة من أسفلها حتى الارتفاع المحتمل لما تختزنه من الماء. واختلف الرأي في توقيت إنشائها بين ما يعاصر العصر الفارسي في القرن الخامس ق. م. وبين القرن الميلادي الأول.
ولم تغن كل هذه المشروعات القتبانية عن حفر الآبار العادية في المناطق التي تحتاجها، ويحتمل أنه كانت تتسرب إليها المياه الزائدة في المزارع فتختزن طبيعيًا فيها حتى يحين وقت الحاجة إليها ويتيسر رفعها.
وحول نبع طبيعي في وادي فرع في بيحان ظاهرة طريفة، حيث مهد الطريق إليها بمررات ضيقة مرصوفة، وليتيسر وصول الرعاة ورجال القوافل إليه حفرت علامات على الصخور قبل الوصول إليه بنحو كيلو متر، ومنها ما يمثل شخصًا يشير بإصبعه إلى مكان الماء. ولهذه العلامات ما يماثلها في مناطق متفرقة من صخور بيحان وفي مناطق قريبة من الربع الخالي حيث تشتد الحاجة إلى معرفة أماكن المياه.
ومع هذه التيسيرات لتوفي مياه الري والشر. لوحظ في آثار المدن والقرى (في هجر بن حميد والحرجة وجبل الحضرة والنقب) أنه كان يوضع أمام كل دار حوض قليل العمق مليس من الداخل. لملئه بالماء.
وظلت مشروعات المياه تؤدي أغراضها حتى القرن الثالث الميلادي. لاسيما في وادي بيحان. غير أن استمرار الاستفادة منها كان يتطلب استرمار العناية بها. فقد كان ارتفاع المجاري الرئيسية عن مستوى الأراضي المزروعة يعرضها لعوامل التعرية كما ذكرنا، كما أن ارتفاع الإرساب نتيجة لنظام الصرف المستعمل وتوزيع المياه في الحقول. كان يتطلب الارتفاع بالقنوات الفرعية والارتفاع بمداخلها إلى مستوى الحقول.