وفي غرة شهر شعبان من سنة ١٣٧٥، أوقفني بعض الإخوان على مجموعة رسائل ابن حزم الأندلسي بتحقيق الدكتور إحسان رشيد عباس في جملتها رسالة في الغناء الملهي أمباح هو أم محظور؟ ذهب فيها إلى إباحة الغناء وآلات الطرب على اختلاف أنواعها فتصورت مبلغ الأثر السيئ الذي سيكون لهذه الرسالة في قلوب قرائها من الخاصة وطلاب العلم فضلا عن العامة وذلك لأمرين:
الأول: شهرة ابن حزم العلمية في العالم الإسلامي وإن كان ظاهري المذهب لا يأخذ بالقياس خلافا للأئمة الأربعة وغيرهم.
والآخر: غلبة الهوى على أكثر الناس فإذا رأوا مثل هذا الإمام يذهب إلى إباحة ما يتفق مع أهوائهم لم يصدهم شيء بعد ذلك عن اتباع أهوائهم بل قد يجدون في ما يسمعون من بعض المشايخ ما يسوغ لهم تقليدهم إياه كقولهم: من قلد عالما لقي الله سالما وبعضهم يتوهمه حديثا ولا أصل له١ وإن كان ابن حزم رحمه الله ينهى عن التقليد ويحرمه أشد التحريم.
يضاف إلى ذلك قلة العلماء الناصحين الذين يذكرون الناس بالحكم الصحيح في هذه المسألة والأحاديث الصحيحة الواردة فيها وكثرة ما يكتب ويذاع مخالفا لها فيتوهمون أن ما قاله ابن حزم صحيح ولا سيما وهم يقرؤون لبعض العلماء المعاصرين فتاوى تؤيد مذهبه وتنشر في بعض المجلات الإسلامية