نسكنا ونقهر عدونا وخفي علينا ما ظهر للنبي صلى الله عليه وسلم مما حدث عقباه.
وأروع مثال مر بي في سيرة أصحابه صلى الله عليه وسلم الدالة على إيثارهم طاعته ولو كان ذلك مخالفا لهواهم ومصلحتهم الشخصية قول ظهير بن رافع قال:
صحيح نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا وطواعية الله ورسوله أنفع لنا نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى.
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في الإرواء٥ / ٢٩٩.
لقد ذكرتني هذه الطواعية بتلك المطاوعة التي تعجب منها مؤمنو الجن حينما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون إلى قراءته في صلاة الفجر المشار إليها في أول سورة الجن:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فأروا أصحابه صلى الله عليه وسلم يصلون بصلاته يركعون بركوعه يسجدون بسجوده قال ابن عباس رضي الله عنهما:
عجبوا من طواعية أصحابه له.
رواه أحمد ١ / ٢٧٠ وغيره بسند صحيح.
والمقصود أن هذه الطواعية يجب أن تكون متحققة في كل مسلم ظاهرا وباطنا سواء كانت موافقة لهواه أو مخالفة ومن لوازم ذلك أن لا يضرب لله الأمثال ولأحكامه فلا يقيس صوت الألحان الخارجة من الإنسان على صوت العندليب والطيور فيقول مثلا: إذا جاز إنشاد الشعر بغير ألحان جاز إنشاده مع