إذا نادى أخو اللذات فيه ... أجاب اللهو حي على السماح
ولم نملك سوى المهجات شيئا ... أرقناها لألحاظ الملاح
وقال بعض العارفين: السماع يورث النفاق في قوم والعناد في قوم والكذب في قوم والفجور في قوم والرعونة في قوم.
إلى أن قال:
فالغناء يفسد القلب وإذا فسد القلب هاج في النفاق.
وبالجملة؛ فإذا تأمل البصير حال أهل الغناء وحال أهل الذكر والقرآن تبين لهم حذق الصحابة ومعرفتهم بأدواء القلوب وأدويتها وبالله التوفيق.
قلت: وبعد أن تبينت الحكمة في تحريم الغناء من الآثار المتقدمة وهي أنه يلهي عن طاعة الله وذكره وهذا مشاهد وحينئذ فالملتهون به إسماعا واستماعا لكل منهم نصيبه من الذم المذكور في الآية الكريمة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... } وذلك بحسب الالتهاء قلة وكثرة وقد عرفت أن الاشتراء بمعنى الاستبدال والاختيار مع ملاحظة هامة وهي أن اللام في قوله تعالى: {لِيُضِلَّ} إنما هو لام العاقبة كما في تفسير الواحدي أي: ليصير أمره إلى الضلال كما قال ابن الجوزي في الزاد٦ / ٣١٧ فليس هو للتعليل كما يقول بعضهم وله وجه بالنسبة للكفار الذين يتخذون آيات الله هزوا ولهذا قال ابن القيم رحمه الله ١ / ٢٤٠: