النص الذي تأوله فإنه لم يتجرأ على تأويل حديث البخاري - كما فعل الغزالي - لقوله فيه: يستحلون وإنما تأول حديث معاوية بن صالح الخالي منه وفيه - كما تقدم ص ٤٥ -:
"ويضرب على رؤوسهم بالمعازف.." فقال ابن حزم ٩ / ٥٧:
وليس فيه أن الوعيد المذكور إنما هو على المعازف كما أنه ليس على اتخاذ القينات والظاهر أنه على استحلالهم الخمر بغير اسمها.
ومع أن هذا الذي استظهره تكلف ظاهر وتأويل باطل لما تقدم من الأحاديث وتفسير ابن القيم فقد أجاب عنه الشوكاني بجواب آخر فقال فينيل الأوطار ٨ / ٨٥، بعد أن حكى تأويل ابن حزم ملخصا دون أن يعزوه إليه وفيه رد ظاهر على الغزالي أيضا:
ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث يعني حديث البخاري لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله وأيضا يلزم في مثل قوله تعالى:{إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين فإن قيل: تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف على أنه لا ملجيء إلى ذلك حتى يصار إليه.
وها هنا تنبيه مهم على معنى الاستحلال الوارد في الحديث: فقد قال