للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانظر هذه السنة المأخوذة عن أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم نسباً وداراًَ. وتأمل ما دلت عليه من الحِكم والفوائد: من ذلك نهيه عن اتخاذ قبره عيداً، والعيد ما يعتاد مجيئه في وقت مخصوص. وتأمل حكمة ذلك ومقصوده، وما فهمه السلف منه١ من النهي عن التردد إلى القبر الشريف، كلما دخل المسجد.

وفيه: أن الصلاة والسلام يبلغه، وإِنْ بَعُدَ المُسَلِّم.

وفيه: أن الذي يجب له صلى الله عليه وسلم من التوقير والتكريم، والصلاة والسلام، مطلوب في كل مكان، وعلى أي حال، وذلك أكمل وأتم٢ ممن يعتاد ذلك عند مجيئه إلى القبر، أو يزيد بالغلو والإطراء، فإذا بَعُدَ عنه فهو من أشد الناس معصية وجفاءً.


قال شيخ الإسلام في المصدر السابق: وقال سعيد: حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر فناداني –وهو في بيت فاطمة يتعشى- فقال: هلم إلى العشاء. فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم"، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء.
فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج به من أرسله؛ وذلك يقتضي ثبوته عنده، هذا لو لم يكن روي مسنداً من وجوه غير هذا، فكيف وقد تقدم مسنداًَ.
١ "منه" ليست في ط: آل ثاني.
٢ في ط: آل ثاني "وأعم".

<<  <   >  >>