للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى فيمن عبد الصالحين: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} . [الإسراء:٥٦] . وهذه فيمن عبد الصالحين من الجن والإنس والملائكة كما فسرها بذلك غير واحد من السلف، ويدل عليه قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} . [الإسراء:٥٧] . وقد وصفهم بأنهم لا يملكون كشف الضر ولا تحويله من حال إلى حال وإن قَلَّ، كما تفيده١ النكرة في سياق النفي، فبطل دعاؤهم بما لا يقدر عليه إلا الله.

وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} . [سبأ:٢٢] . نفى أن يكون لهؤلاء المدعوين مُلْكٌ في السموات والأرض ولو قَلَّ كمثقال ذرة، وهذا هو الذي يعبر عنه بالاستقلال.

ونفى أن يكون لهم فيهما شرك ولو قَلَّ، كما يفيده قوله: (من شرك) ٢، فإنه يفيد استغراق النفي.


ثم عزا السيوطي في "الدر" أثر حذيفة هذا إلى أبي الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان –والذي يظهر من صنيع السيوطي أنه من طريق آخر غير طريق أبي البختري فلينظر.
وقد حسن شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية هذا الحديث كما في كتابه "الإيمان" ص٦٤ وعلى معنى هذا الحديث جمهور المفسرين. والله أعلم.
١ في ط: آل ثاني: "يفيده".
٢ ليس في النسخ الخطية "شرك".

<<  <   >  >>