للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيح أنه قال:"كلتا يدي ربي يمين مباركة"١؛ لأنَّ مقصوده صلى الله عليه وسلم دفع توهم النقص؛ فإنه إذا قيل: يمين وأخرى أو شمال، قد يتوهم البعض أنَّ الأخرى أنقص في البذل والعطاء والقوة. فلدفع هذا التوهم قال صلى الله عليه وسلم: " وكلتا يدي ربي يمين ".

فلله عز وجل يدان حقيقيتان تليقان بجلاله وكماله وعظمته، لا تشبهان أيدي المخلوقين، موصوفتان بالقبض، والبسط، والأخذ، والعطاء، والطي، وغير ذلك من الصفات التي هي صفات اليد الحقيقية. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:"ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مائة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه، مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقية"ثم ذكر هذه الأوجه ٢.

وليس تشبيهاً أن يثبت لله عز وجل يدٌ تليق به، وإنما التشبيه أن يقاس عز وجل بالمخلوقين، فيقال: يد كأيدينا، ولهذا لما سئل إمام أهل السنة أحمد ابن حنبل عن المشبه من هو؟ قال:"من قال: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي فقد شبه الله سبحانه بخلقه"٣. هذا هو التشبيه، أما من يقول: يد تليق بجلاله وعظمته وكماله سبحانه فهذا ليس تشبيهاً لا من قريب ولا من بعيد.


١ أخرجه الترمذي " رقم ٣٣٦٨ وقال: حسن غريب "، وابن خزيمة في التوحيد " رقم ٨٩ "، وابن حبان " رقم ٦١٦٧ "، والحاكم " ١/١٣٢ وقال: صحيح على شرط مسلم ".
وأخرج مسلم " رقم ٤٦٩٨ " عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين ".
٢ مختصر الصواعق " ٢/١٧١ "
٣ بيان تلبيس الجهمية " ٢/١٦٥ "، واجتماع الجيوش " ص١٣٢ "

<<  <   >  >>