للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول أهل العلم: من يتمنى الموت قد يتمناه لشدة وبلاء نزل به فيتمنى الموت ليسلم منه، وقد يتمناه لفتنة مضلة تنزل بالناس يخشى على نفسه منها. وليس الغرض من تمني النبي صلى الله عليه وسلم لقاء الله في هذا الحديث السلامة من مصيبة حلت، ولا الوقاية من فتنة نزلت، وإنما غرضه صلى الله عليه وسلم الشوق إلى الله عز وجل والطمع في رؤيته سبحانه وتعالى.

وإيمان المؤمنين بالرؤية يزيد الطاعة فيهم؛ لأنهم يعلمون أنَّ الطاعة والعبادة سبب للرؤية، وسبق أن أشرت إلى أن للإيمان بصفات الله أثراً بالغاً على العبد في عبادته وطاعته وإقباله على الله تعالى.

وأدلة الرؤية في الكتاب والسنة متضافرة، جاء في القرآن في مواضع عديدة نصوص واضحة الدلالة على أنَّ الله عز وجل يُرى يوم القيامة، وجاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبلغ حد التواتر ١ تدل على أنَّ الله يرى يوم القيامة، وللإمام الدارقطني كتاب " الرؤية " جمع فيه الأحاديث الواردة في الرؤية، وممن جمع أحاديث الرؤية جمعاً جيداً ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه " حادي الأرواح "، والشيخ حافظ الحكمي ـ رحمه الله ـ في كتابه"" معارج القبول " ٢.

وأنبه على فائدة في هذا الباب، وهي أنَّه لا يشترط في الاستدلال بالحديث في أبواب الاعتقاد أن يكون متواتراً، بل لو كان خبر أحاد يرويه العدل عن مثله متصلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلا شذوذ ولا علة فهو حجة في العقيدة والأحكام، وأول


١ وممن نص على تواتر أحاديث الرؤية: شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى " ١٣ / ٣٥ "، وابن كثير في تفسيره " ٤/٤٥٠ "، وابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية " ص١٩٣ "
٢ " ١/٣٠٦ ـ ٣٣٥ "

<<  <   >  >>