الله وصح في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وسيأتي معنا ضمن النصوص التي أوردها المصنف ما يدل على جوانب عديدة تتعلق بهذا.
" ومن مذهب أهل الحق أنَّ الله عز وجل لم يزل متكلماً بكلام مسموع، مفهوم، مكتوب. قال الله عز وجل {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} "
" لم يزل متكلماً " أي: لم يزل موصوفاً بهذه الصفة، وأنَّه عز وجل يتكلم متى شاء في أيِّ وقت شاء بأيِّ كلام شاء.
" بكلام مسموع " وهذا فيه رد على من يقول إنَّ كلام الله عز وجل كلام نفسي فقط، وهي البدعة التي أنشأتها الكلابية وأخذها عنهم الأشاعرة ومن شاكلهم.
وسبب هذه البدعة محاولة غير موفقة في الرد على المعتزلة؛ لأنها بنيت على أسس غير صحيحة. فالمعتزلة ينكرون وصف الله عز وجل بالكلام، ويقولون: إنَّ كلام الله عز وجل مخلوق، وإضافته إلى الله إضافة خلق وإيجاد، وألزموا الكلابية بأنَّ الكلام يلزم منه كيت وكيت من لوازم المخلوق. ولما أراد الكلابية رد بدعتهم هذه، والتوفيق بين شبهتهم والأدلة التي تثبت وصف الله عز وجل بالكلام، جاءوا بهذا التفصيل فقالوا: إنَّ الكلام نوعان: كلام نفسي وهو معنى واحد لا يتجزأ ولا يتبعض، وهذا الذي يوصف به الرب عندهم. أما الكلام اللفظي الذي يكتب ويسمع ويتلى ويقرأ فهذا ليس كلام الله، وإنما هو عبارة أو حكاية عن كلام الله. ولهذا فإنَّ أئمة السلف ـ رحمهم الله ـ في الرد على هذه البدعة يقولون: إنَّ الله يتكلم بكلام مسموع.
فكلام الله عز وجل عندما يبلغ الخلق قد يبلغهم مباشرة وقد يبلغهم بواسطة، فجبريل سمع كلام الله من الله، وموسى عليه السلام سمع كلام