أنَّهم إليها لا يرجعون، قال: فأبلغ من ورائي. فأنزل الله عز وجل:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}" رواه ابن ماجه "
" لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جابر ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ قال: بلى " قُتِل والد جابر رضي الله عنه شهيداً في معركة أحد فلحقه بعض الحزن، فسلاَّه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بهذا الأمر العظيم الذي خُص به والده، وهو أمر غيبي أطلعه الله عليه.
وللمسلم أن يسلي أهلَ المصاب بالأمور التي يعلمها عن الميت من خصاله الكريمة وشمائله الحميدة التي يؤمل أن ينال بها خيراً عظيماً ليسلوا بها أهله.
" وما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب " المراد بأحد عموم الناس، وإلا فقد كلم الله عز وجل بعض أنبيائه، وسمعوا كلامه منه جل وعلا، كما سمعه نبينا محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم.
" وكلم أباك كفاحاً " أي: مواجهة، ومعنى ذلك أنَّ عبد الله بن حرام سمع كلام الله من الله، وهذا يفيد أنَّ الله يتكلم حقيقة بصوت يسمع.
" قال: يا عبد الله تمن عليَّ أعطيك " أي ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الكلام الذي قاله الله لأبيه: " يا عبد الله تمن عليَّ أعطيك " أي: اطلب شيئاً تتمناه.
" قال: يا رب، تحييني فأقتل فيك ثانية " هذا الطلب من عبد الله رضي الله عنه يدل على عظم مكانة من يقتل في سبيل الله؛ لأنَّه إنما تمنى العودة إلى الحياة الدنيا ليقتل ثانية لما رآه من المكانة الرفيعة لمن يقتل في سبيل الله.
" قال: إنَّه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون " أي: قال الله تعالى له: إنَّ من مات لا يرجع إلى الحياة الدنيا. فلما لم يعطه الله عز وجل ذلك.