فجبريل الروح الأمين نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم وسمعه منه، ومحمد صلى الله عليه وسلم بلَّغه للأمة.
" وهو محفوظ في الصدور، كما قال عز وجل:{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} " أي: وهو في هذه الحالة ـ حال حفظه في الصدور ـ أيضاً هو كلام الله.
" وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استذكروا القرآن فلهو أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم من عقله""
وفي هذا أيضاً تأكيد للمعنى السابق، وهو أن القرآن أينما توجه فهو كلام الله.
" استذكروا القرآن " أي: تعاهدوه وراجعوه.
" تفصياً " أي: تفلتاً.
" من عقله " العقل جمع عقال، وأهل الإبل يستعملون العقل لوضعها في ركب البعير إذا بُرِّك وأريد أن يبقى في مكانه، فإذا أراد أن يقوم منعه العقال من ذلك. لكن في كلِّ مرة يحاول البعير أن يقوم ينسحب العقال إلى الأمام شيئاً فشيئاً حتى يسقط فيقوم البعير. فعلى صاحب الإبل أن يتعاهد هذه العقل فما أوشك على السقوط منها أدخله مرة أخرى.
فانظر إلى جمال هذا المثال الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لتعاهد القرآن، ولما خاطب الصحابة خاطبهم بشيء يعقلونه، فهم يعرفون حاجة راعي الإبل إلى مثل هذا التعاهد.
وفي هذا الحديث أهمية ضرب الأمثال في التعليم، فكثيراً ما تضرب الأمثال في القرآن والسنة، وفي القرآن كما يقول ابن القيم أكثر من أربعين مثلاً ١،