للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومخارج صوته كلها مخلوقة، وأفعال العباد مخلوقة. وهذا يقال أيضاً في الرق والحبر والمداد فهذه كلها مخلوقة، لكن المكتوب فيها وبها غير مخلوق. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"زينوا القرآن بأصواتكم"١ فنسب صلى الله عليه وسلم الصوت للقارئ، أما المسموع"فكلام الله.

فإن قيل الأصوات المسموعة ـ بهذا الاعتبار ـ عين كلام الله يكون في هذا الكلام نظر. لكن لو قال: " والكلمات المسموعة عين كلام الله " لم يبق إشكال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فإنَّ أصوات العباد محدثة بلا شك، وإن كان بعض من نصر السنة ينفي الخلق عن الصوت المسموع من العبد بالقرآن، وهو مقدار ما يكون من القرآن المبلغ. فإنَّ جمهور أهل السنة أنكروا ذلك وعابوه ... وأما التلاوة في نفسها التي هي حروف القرآن وألفاظه فهي غير مخلوقة، والعبد إنَّما يقرأ كلام الله بصوته"٢.

على أنَّ هذه العبارة " والأصوات المسموعة " ليست موجودة في بعض نسخ الكتاب، فلعلها من اجتهاد بعض النساخ، والأمر يحتاج إلى تحقيق والله أعلم.

والذي دفع كاتب هذه الكلمة إلى كتابتها ـ سواء كان المصنف أو الناسخ ـ أنَّ المتكلمين يقولون في عقائدهم: كلام الله ليس بحرف ولا صوت. ويبنون ذلك على لوازم سيأتي نقضها عند المصنف رحمه الله؛ لأنهم يقولون:


١ أخرجه أبو داود " رقم ١٤٦٨ "، والنسائي " رقم ١٠١٥ "، وابن ماجه " رقم ١٣٤٢ "، وأحمد " ٤/٢٨٣ "، والدارمي " ٢/٥٥٦ "، وابن خزيمة " رقم ١٥٥١، ١٥٥٦ "، وابن حبان " رقم ٧٤٩ "، والحاكم " ١/٧٦١ " وصححه الألباني في الصحيحة " رقم ٧٧١ "
٢ مجموع الفتاوى " ١٢/٥٧٣ ـ ٥٧٤ "، وانظر: درء التعارض " ٢/٣٨ ـ ٤٠ "

<<  <   >  >>