وقال للرسول: أخبرهم أنني لا آتي، ولكن أبلغهم أنَّ كلامهم باطل من وجوه: أولاً ثانياً وأخذ يعدد أوجه الرد عليهم، فقال الرسول: لا أحسن نقل ذلك، ولكن اكتب هذا الكلام، فكتب لهم وهو في السجن تسعين وجهاً وسلمها إليه. يقول شيخ الإسلام: وبلغني أنهم كتبوا إلي ورقة ثم مزقوها وكتبوا بدلها أخرى وأرسلوها إليَّ، ولما أرسلوها إليه نقدها من وجوه كثيرة ١.
ثم شرع المصنف ـ رحمه الله ـ في ذكر بعض الأدلة على أنَّ الحروف المكتوبة هي كلام الله عز وجل، فقال:
" قال الله عز وجل: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً} . وقال:{المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} . وقال:{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} وقال: {المر} . وقال {كهيعص} . {حم عسق} "
هذه كلها كلام الله، وهي حروف مقطعة: ألف، لام، ميم، كاف، هاء، ياء، عين، صاد. فهذا صريح الدلالة على"بطلان قول من أنكر أن يكون كلام الله بحرف.
ثم قال ـ بعد ذكره هذه الأدلة ـ:
" فمن لم يقل إنَّ هذه الأحرف عين كلام الله عز وجل فقد مرق من الدين، وخرج عن جملة المسلمين، ومن أنكر أن يكون حروفاً فقد كابر العيان وأتى بالبهتان "
يشير المصنف ـ رحمه الله ـ إلى أن الذين يرد عليهم بين أمرين:
إما أن يقولوا: إن هذه ـ ألف، لام، ميم، كاف، هاء، ياء، عين، صاد ـ ليست حروفاً ويكونوا بذلك قد كابروا العيان وأتوا بالبهتان؛ لأنَّ كلَّ
١ انظر حكاية شيخ الإسلام لقصته معهم في الفتاوى الكبرى " ٥/٣ وما بعدها "