على أنَّ القرآن مكون من أحرف، خلافاً لمن يقول: إن كلام الله ليس بحرف.
" وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كفر بحرف منه ـ يعني القرآن ـ فقد كفر به أجمع "
القرآن كلُّه كلام الله، والإيمان ببعضه يقتضي الإيمان بباقيه، والكفر ببعضه كفر بباقيه؛ لأنَّه كلَّه كلام الله عز وجل، قال تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} ١.
أما إن كان عن اشتباه أو التباس أو نحو ذلك فتزال الشبهة وتبين، لكن من حيث الحكم: من كفر بحرف من كلام الله فهو كافر بالقرآن.
" وقال ـ أيضاً ـ: من حلف بسورة البقرة فعليه بكلِّ حرف يمين "
الشاهد: قوله " بكلِّ حرف " أي أنَّ سورة البقرة التي هي سورة من سور القرآن مكونة من أحرف، فمن حلف بسورة البقرة فعليه بكلِّ حرف يمين.
لكن هذه المسألة تحتاج إلى نظر: من حلف بالقرآن هل عليه بكل حرف كفارة، أم أنها كفارة واحدة.
" وقال طلحة بن مصرف: قرأ رجل على معاذ بن جبل فترك واواً فقال: لقد تركت حرفاً أعظم من جبل أحد "
الشاهد: قوله: " لقد تركت حرفاً " ألا وهو الواو، ففيه أنَّ القرآن مكون من أحرف.
" أعظم من جبل أحد " وفي هذا مكانة أحرف القرآن، وعظم شأنها عند السلف رحمهم الله.
" وقال الحسن البصري في كلام له: قال الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} ، وما تدبرُ آياته إلا اتباعه، أما والله ما هو بحفظ