للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمظلمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى أقُصُّه منه " قائل هذا هو الرب العظيم.

فيقتص لأهل الجنة من أهل النار، ولأهل النار من أهل الجنة، يقتص سبحانه للمظلوم من ظالمه.

" قالوا: وكيف، وإنما نأتي الله عراة غرلاً بُهماً؟ قال: بالحسنات والسيئات " قد جاء بيان هذا القصاص في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إنَّ المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طرح في النار"١، فالمظالم التي تكون من العبد في الدنيا لا تذهب ولا تضيع ـ وإن نسيها ـ، فإذا قدم على الله عز وجل وجدها كلَّها محضرة، فيقتص للمظلوم من الظالم، فيؤخذ من حسنات الظالم، حتى إذا فنيت حسناته بسبب كثرة مظالمه، يؤخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله، وظلم يُغفر، وظلم لا يُغفر، فأما الظلم الذي لا يغفر: فالشرك، لا يغفره الله. وأما الظلم الذي يُغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه. وأما الذي لا يُترك فقَصُّ الله بعضَهم من بعض"٢."

بل من كمال عدل الرب عز وجل أنَّه يقتص للبهائم بعضها من بعض،


١ أخرجه مسلم " رقم ٦٥٢٢ "
٢ أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده " رقم ٢٢٢٣ " وسنده ضعيف، لكن حسَّنه الألباني رحمه الله في الصحيحة " رقم ١٩٧٢ " لوجود شاهد له من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>