عز وجل عليه بفهمه والعمل على ضوئه، بل مهما بحث العبد عن جواب لهذا السؤال فلن يجد أشفى ولا أوفى ولا أسد من جواب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وهذا الجواب يقرر أصلين عظيمين وأساسين متينين يقوم عليهما صلاح العبد واستقامة شأنه في هذا الباب.
الأصل الأول: وهو داخل تحت قوله: " اعملوا "، فهذه الكلمة لا توجه إلا لمن له مشيئة، ولمن هو مخير، يستطيع أن يذهب إلى مكان الخير ويستطيع أن يذهب إلى مكان الشر، ويستطيع أن يفعل الخير ويستطيع أن يفعل الشر. فمن ليست عنده مشيئة ـ كالجمادات ـ لا يمكن أن يُخاطب بمثل هذا الخطاب.
فهذه الكلمة دالةٌ على أصل عظيم، وهو أنَّ الإنسان عنده مشيئة، وأنَّه يمكنه أن يختار طريق الخير وطريق الشر، وأنَّه مطلوب منه أن يجدَّ ويسعى في الأعمال الصالحة، وأن يجاهد نفسه على القيام بطاعة الله تبارك وتعالى.
والأصل الثاني: وهو داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: " فكلُّ ميسر لما خلق له "، فهو دالٌّ على أنَّ الأمور كلَّها بتيسير الله، وأنَّه لا يمكن أن يكون في الكون شيء لم يشأه الله، وأنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنَّ الناس منهم من خلق للسعادة فييسر لعمل أهل السعادة، ومنهم من خلق للشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة.
وإذا كان الأمر كذلك فإنَّ المطلوب من كلِّ إنسان يريد لنفسه السعادة في الدنيا والآخرة أن يعمل ويجاهد نفسه، ويلزمها بالتمسك بطريق الحق إلزاماً، وفي الوقت نفسه يمد يد الضراعة إلى الله عز وجل ملحاً عليه أن يعينه ويسدده ويثبته وأن يجعله من السعداء، وأن يعيذه من طريق أهل الشقاء؛ فإنَّ الأمور كلَّها بتيسير الله جل وعلا.