للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" فنكس " أي: أنزل رأسه إلى جهة الأرض قليلاً.

" وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " هذا هو الإيمان بالقضاء والقدر: أنَّ الأمور كلَّها بقدر الله، قدَّر كلَّ شيء، وجف القلم بما هو كائن

والصحابة لما سمعوا هذا البيان " قالوا: يا رسول أفلا نتكل على كتابنا؟ " أي: أفلا نعطل الأعمال ونتكل على الكتاب المكتوب في اللوح المحفوظ، ولهذا جاء في روايات أخرى: " أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ " ١، وفي رواية: " فلمَ نعمل؟ " ٢.

فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب المبارك: " فقال: اعملوا فكلٌّ ميسر لما خُلق له " أي: مع إيمانكم بما قُضي وقُدر وكُتب اعملوا واجتهدوا في العمل، وفي الوقت نفسه الجأوا إلى الله واعتمدوا عليه واسألوه الإعانة والسداد والهداية والرشاد.

والناس في هذا قسمان: سعداء وأشقياء، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة " أي: من كتب الله له السعادة فيما قدَّره وقضاه وكتبه في اللوح المحفوظ فإنَّه سبحانه ييسر له العمل بعمل أهل السعادة وسلوك سبيلهم.

" وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاء " أي: من كتب الله له الشقاوة فيما قدَّره وقضاه وكتبه في اللوح المحفوظ فإنه ييسر لعمل أهل الشقاء


١ أخرجه البخاري " رقم ٤٩٤٨ "، ومسلم " رقم ٦٦٧٣ "
٢ أخرجه مسلم " رقم ٦٦٧٥ "

<<  <   >  >>