للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه " رواه البخاري "

" من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ " أي: من أحظاهم وأولاهم بها، ومن هو الأكثر استحقاقاً لها؟

وفي هذا السؤال من أبي هريرة رضي الله عنه دلالة على اهتمام الصحابة بهذا الأمر وعنايتهم به، فهم يعرفون قدر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانتها، وكلُّهم يرغب في نيلها، حريصون على معرفة الأسباب التي تنال بها؛ لأنهم يدركون أنَّ أسبابها شرعية، لا يمكن أن تعرف إلا من طريق النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا سألوه مثل هذا السؤال.

وينبغي لكلِّ عبد عرف قدر الشفاعة أن يعتني بهذا السؤال؛ لأنَّه إذا عرف الجواب وسلك مسلكه: سلم من الأباطيل التي ضل فيها أقوام ـ من هذه الأمة ومن الأمم السابقة ـ عندما انحرفوا في مفهوم الشفاعة، كما قال تبارك وتعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ١. ولهذا ترى أناساً يطلبون الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون: اشفع لي يا رسول الله. وبعضهم يدعوه مباشرة من دون الله ويسمي عمله هذا شفاعة، كقول بعضهم: مدد يا رسول الله.

ومتى كان نيل الشفاعة بالشرك؟! فدعاء غير الله ـ أياً كان ـ يبعد عن رحمة الله ويمنع ثوابه تبارك وتعالى. قال تبارك وتعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} ٢، فهي حق لله لا تطلب إلا منه سبحانه. ومن أراد أن يشفع له أحد عند الله فلا يطلب ذلك إلا من الله. ولهذا فلا ضير على العبد أن يقول: اللهم شفع فيَّ نبيك. أو: اللهم اجعلني ممن يشفع فيهم نبيك. وعليه أن لا يكتف بهذا الدعاء، بل عليه أن يفعل الأسباب التي ينال بموجبها الشفاعة كما هو واضح في هذا السؤال وجوابه


١ الآية ١٨ من سورة يونس.
٢ الآية ٤٤ من سورة الزمر.

<<  <   >  >>