للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إنما أنا رحمة مهداة " ١، فهو رحمة مهداة، رحيم بالناس حريص عليهم، بذل وسعه وجهده في دعوتهم إلى توحيد الله تبارك وتعالى واستنقاذهم من النار. وسيرته صلى الله عليه وسلم مليئة بالشواهد والدلائل على كمال رحمته، ومن ذلك: أنَّه لما قدم الطفيل وأصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنَّ دوساً قد كفرت وأبت، فادع الله عليها. فقيل: هلكت دوس. فقال صلى الله عليه وسلم:""اللهم اهد دوساً وائت بهم " ٢.

" وخصه بالشفاعة في الخلق أجمعين " المراد بالشفاعة: الشفاعة العظمى الكبرى التي يشفع بها صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف بعد أن يعتذر عنها الأنبياء جميعاً، ويقول صلى الله عليه وسلم: أنا لها. وهذا هو المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون، فيظهر الله به فضله ورفعته على الخلق أجمعين.

بعد أن ذكر المصنف ـ رحمه الله ـ هذا الكلام المجمل في بيان فضل النبي صلى الله عليه وسلم شرع في ذكر بعض الأدلة من السنة على ذلك فقال:

" وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:""أعطيت خمساً لم يعطهنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر. وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي. وأعطيت الشفاعة. وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " "

" أعطيت خمساً لم يعطهنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي " أي: فُضِّلت وخصصت ومُيِّزت على سائر الأنبياء بخمس خصال. وتمييزه بهذه الخصال


١ أخرجه الدارمي " رقم ١٥ "، والطبراني في الصغير " رقم ٢٦٤ "، والحاكم في المستدرك " ١/٩١ وقال صحيح على شرطهما " وصححه الألباني في الصحيحة " رقم ٤٩٠ "
٢ أخرجه مسلم " رقم ٦٣٩٧ "

<<  <   >  >>