للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} ١.

فإن كان المراد بالسماء المبنية فـ"في"بمعنى على، فيكون معنى:" في السماء"أي على السماء. وإذا كان المراد بالسماء مطلق العلو فـ"في"على بابها. وهو بكلا الاعتبارين يدل على علو الله تبارك وتعالى على خلقه، العلو الذي يليق بجلاله وكماله.

"الذي في السماء"أي الله، وهذا موضع الشاهد.

وفي الحديث أيضاً إثبات صفة السخط لله جل وعلا، وهي من صفاته الفعلية.

ونظير هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ٢، وهو مما يوضح المراد بقوله:"في السماء"لأنك لو قابلت بين أول الحديث وآخره اتضح لك المعنى، فمثلاً إذا قال قائل من أهل الأهواء"في"هنا ظرفية، لأنهم يقولون إذا قلتم: إنَّ الله في السماء فمعنى ذلك أنَّ السماء محيطة به لأنَّ"في"تفيد الظرفية. فيقال لهؤلاء: قابلوا بين أول الحديث وآخره،"ارحموا من في الأرض"أي على الأرض. فإذا قيل: لا تستعمل"في"إلا على الظرفية، فيكون معنى الحديث ـ على هذا الفهم ـ: ارحموا الديدان والحشرات الموجودة داخل الأرض، أما الناس الذين يمشون فوق الأرض فلا يشملهم الحديث؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"في الأرض"وهؤلاء فوق الأرض!!


١ الآية ٢٢ من سورة البقرة.
٢ أخرجه أبو داود رقم ٤٩٤١، والترمذي رقم ١٩٢٤ وقال: حسن صحيح، وأحمد ٢/١٦٠، والحاكم في المستدرك ٤/١٧٥، وصححه الألباني في الصحيحة رقم ٩٢٥

<<  <   >  >>