للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.................................................................................


يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون.. فإن كنت في شك من هذا فانظر هل يمكن بشراً على وجه الأرض أن يأتي عن أحد منهم بنقل صحيح أو حسن أو ضعيف أو منقطع أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها وتمسحوا بها. فضلاً أن يصلوا عندها ويسألوا الله تعالى بأصحابها ويسألوهم حوائجهم، فليوقفونا على أثر واحد منها في ذلك.
كلا، لا يمكنهم ذلك، بل يمكنهم أن يأتوا بكثير من ذلك عن الخلوف التي خلفت من بعدهم، ثم كلما تأخر الزمان وطال العهد كان ذلك أكثر، حتى لقد وجد في ذلك عدة مصنفات ليس فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الخلفاء الراشدين ولا عن الصحابة والتابعين حرف واحد من ذلك، بل فيها من خلاف ذلك كثير كما سبق من الأحاديث المرفوعة التي من جملتها قوله عليه الصلاة والسلام: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجراً أي فحشاً. وأي فحش أعظم من الشرك عندها قولاً وفعلاً. وأما آثار الصحابة فأكثر من أن يحاط بها، ومن ذلك ما في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رأى أنس بن مالك رضي الله عنه يصلي عند القبر، فقال: القبر القبر". انتهى كلامه رحمه الله. وأثر عمر هذا رواه البخاري في الصلاة "فتح١/٥٢٣" تعليقاً. ووصله عبد الرزاق "١٥٨١" بإسناد حسن، رجاله رجال الصحيحين، وزاد في آخره قال ثابت: فكان أنس بن مالك يأخذ بيدي إذا أراد أن يصلي فيتنحى عن القبور، وللأثر طرق أخرى عند ابن حجر في التغليق ٢/٢٢٩، ٢٣٠، وعند غيره. وصحح بعضها الألباني في التحذير ص٢٦، وينظر: عمدة القاري ٤/١٧٢.
والآثار عن السلف في النهي عن التبرك بالقبور وفي النهي عن الغلو فيها بالبناء أو غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>